العنوان (بين سحر حلب وحداثة الغرب..ازياء عالمية تمزج التراث بالابداع المعاصر )
في عالم الابداع حيث تلتقي الهندسة المعمارية بالازياء تبرز سهى شويحنة كرائدة أعمال سورية نجحت في المزج بين روح الشرق وسحر الغرب ..استطاعت أن تنسج رؤية فريدة تعكس هويتها الثقافية وتجربتها
العالمية في هذا الحوار نتعرف على رحلتها وكيفية توازنها بين الثراث والحداثة في كل تصاميمها
س/ من هي سهى شويحنة هل هي سيدة اعمال ام هي فنانة بالتصميم والازياء ..ام هي شخصية الكل يكمل البعض ؟
ج / الفن كان شغفي الاول منذ الطفولة حيث جذبتني اللوحات في كل مكان ولم تفارقني ألواني وأوراقي ورسمي..بعدها حالفني الحظ أن أدرس في باريس تصميم الازياء ..وبعد التخرج كأستاذة للتصميم في جامعتي الفرنسية (إسمود).. قدمت خلالها بحث شامل عن جميع انواع ألالبسة التراثية لوزارة الثقافة السورية ..أثناء عروض عدة للتراث السوري في سورية والجزائر وقطر وأبو ظبي وأيضا في عدة مهرجانات سورية ..في العام 2005 تم تعييني أول سيدة عضو في مجلس إدارة غرفة صناعة حلب لمشاركة المرأة في الدور الاقتصادي وتلقائيا ترأست لجنة سيدات الاعمال الصناعيات ونائب رئيس اللجنة في سوريا .
هنا بدأت المسيرة تندمج بين الفن والصناعة ..وأسست شركتي Suha Shoehne Coutureالخاصة
تطوعت في غرفة التجارة للعمل على تطوير مهارات المرأة الريفية والتي لم يتح لها إمكانية التعليم الأكاديمي وتأهيلهم للدخول لسوق العمل حتى من داخل سكنهم ..ومن جهة اخرى تم تطوير مناهج صناعة الالبسة في برامج التلمذة الصناعية وجامعة حلب وتأسيس مناهج لتصميم وصناعة الأزياء من خلال مناهج أكاديمية
بمنهج عالمي لتطوير جيل الشباب وتأهيلهم بشكل علمي قوي
س/ كيف بدأت رحلتك في عالم تصميم الأزياء؟ ومن كان مصدر إلهامك الأول؟
ج/ بعد حصولي على شهادة البكلوريا وعيشي في باريس وحلمي أن ادرس في كلية العمارة ..قررت دراسة هذا الأختصاص في أكاديمية التصميم للأزياء في باريس لأنني لايمكن أن أصبح معمارية أو مصممة أو مهندسة ديكور,بلا ثقافة عامة.وبهذا كنت أول من درس أكاديميا هذا ألاختصاص في سورية .. أما مصدر إلهامي لفني لاشك مكان ولادتي مثل الكثرين من المصممين الذين إنطلقوا من خلال ثقافة بلادهم كأمثال
Yoji Yomamoto & TSSi Miaky
وهذا الفن وليد البيئة دائما ..ولاشك حلب العريقة والأصلية مدينة الفن والابداع أنطلقت منها ومن بيت جدي وزخارف الحجارة والعمارة فيها كما أن لأزيائها التراثية دوركبير من حيث التطريزات والخامات والألوان ..فعكست هذا الموروث على مشروعي التاريخي ونمط علامتي التجارية وشكلت منتجات عصرية بروح تراثية
س/ كيف كان تأثير انتقالك إلى أوروبا على شغفك وتصاميمك؟
ج / عشقي لحلب وإرثها ..الذي حملته معي ساعدني على أن النهجية التي تتبعها جامعتي إسموند هوأن ينطلق الطالب في مشروعه التخرج من ثقافة بلده وتراثها فأخترت وقتها فكرة التمرد حيث كان مصدر ألهامي المعنوي منذ طفولتي تمردت على السلبيات الموجودة في مجتمعنا .أكره العادات البالية التي لاتنتمي الى اي من شرائع الله ..تلك العادات كانت سببا كبيرا للقهر والعبودية فكرهت أيضا ثقافة القطيع التي أحاطت بغالبية البعض.لكن لايمكنني نسيان دفئ العائلة ومحبة الناس والأصدقاء الحقيقين وقت الشدائد..فكل هذا جسدته في منتج يحمل نكهة الماضي والتراث بلغة عصرية إكتسبتها في شخصيتي من خلال حياتي لعشر سنوات في باريس فكتبت فكرة المشروع التالي :مهما انطلقت متمردة ستبقى حالة رموز الماضي كالكنز ..رمت عبائتها ..رمت كندورتها ( الكندورة ثوب ريف حلب التراثي )لكنها حملت معها نقوشها وتطريزاتها هوية لها ..نعم إنها سهى إمرأءة بنظرة غربية ..وحافظت على هذا المضمون الفلسفي لهوية منتجاتي وأطلقت شعارا لعلامتي التجارية
La Couture en Tradi tion
أي الخياطة الراقية بلغة التراث
س/هل انت مع نقل الثقافة الشرقية الى الغرب؟
ج / طبعا لم لا أصلا جذور هذا الانتقال كان من أرضي من بلاد الشام وبني أمية ونقلها للأندلس التي وردت الثقافة الشامية الى الغرب وأثرت بفنونه لليوم ..فهذا التأثير بدأ من ذاك الزمن ولازالت الأندلس شاهدة على هذا الإرث والتأثير واليوم نلاحظ أن الكثيرين من مصممي الغرب كالمصمم الايطالي فالنتيونو الذي قدم عرضه في 2014 للهوت كوتور مستوحى من أزياء سوريا وحصرا حلب وريفها ..ودمشق وريفها وغيره الكثييرين أصبح منتج ( العباءة ) من أهم تصميماتهم كدار (ريبورتو كافالي ) و (البيرتو فيريتي) و ( ستيفان رولاند ) و ( جورجيو أرماني )
س/ ما هي أبرز التحديات التي واجهتك في تأسيس علامتك الخاصة كمصممة أزياء في أوروبا؟
ج / الحقيقة أكبر مشكلة هي المنافسة وأخذ حصة من ألسوق والموافقات الروتينية أمر في غاية الصعوبة في ظل هذه الظروف والحقيقة الاكبر أن الفن يجب أن تتبناه مؤسسات كي يأخذ وجوده في السوق وهذا أمر في غاية الصعوبة
س/ ما هو الإنجاز الذي تفخرين به في مسيرتك المهنية حتى الآن؟
ج / أهم أنجاز هو التحدي لكل الصعوبات التي واجهتني لكي أصبح مصممة أزياء وفنانة تشكيلية وكلما أرسم لوحة أو تصميم أشعر بسعادة توازي مشاعر الامومة تماما لأن كل عمل يصبح كولد تنتمي له ..فالوصول لمرحلة مسك الريشة والالوان لتشكيلي لوحة سيخلدها التاريخ .هو شعور بحد ذاته أكبر أنجاز ..ويوم قدمت فيه أول عرض أزياء يمثلني في شتاء 2005 في شرم الشيخ في مؤتمر ( إتحاد المستثمرات العرب )كان من أروع الانجازات التي صعدت فيها لأول مرة على ( البوديوم ) أبهرت تصميماتي الحضور وتم تكريمي من السيدة سوزان مبارك بدرع لليوم أحتفظ به لهذه الذكرى التاريخية ..فالفن هو الخلود
س/ هل هناك قطعة معينة صممتِها وتشعرين بأنها الأقرب إلى قلبك؟ ولماذا؟
ج / طبعا في كولكشين أو مجموعة لوحات تبقى أعمالا تلامس إنفعالاتك وإحساسك ..بالنسبة للازياء مجموعة صممتها بفكرة مستوحاة من نبات (تمر حنة )الحلبي ومشروعي للتخرج كان ( إمرأة من حلب ) رسمت نفسي مرتدية زي حلب القديم مندمجا مع إبتكاراتي فكان مزيجا شكلت لوحة بمنتهى الشموخ والقوة ..لكن بالمجمل أعمالنا تصبح كأولادنا من الصعب أن تتخلى عن أحد منهم أو أن تميز فيما بينهم فجميعا لهم العشق ذاته ..
س/ هل انشغالك بالعمل أبعدك عن جو الأسرة ووجاباتها المقدسة ام هناك توازن بمتطلبات الحياة ومسؤوليةالاسرة ؟
ج / أبدا.عملي كان في كف ,وأولادي في الكف الاخر ..أنهي عملي وأعود لبيتي لأقضي وقتي معهم لاسيما العطل ونهايات ألاسبوع وحتى أثناء دراستي طاولتي كانت بجانب طاولتهم درسنا معا ذكرياتنا ورحلاتنا معا واليوم هم في رأس القائمة في حياتي حتى قبل العمل والنجاح والدنيا كلها لكن أعترف أن عملي وفني عزلوني عن الناس عن العلاقات الاجتماعية فأنا أحب العزلة ودائرة أصدقائي الحقيقين الرائعين صغيرة جدا وأنا سيدة عاشقة للبيت والوحدة ولاأتحمل الضجيج مع الناس .
س/ بعد احتكار ريادة الأعمال من قبل رجال الأعمال نَجِدُ هناك من كسَرَ القاعدة ليبزغ هناك مسمىً جديد وهو سيّدات الأعمال هل وجدت السيدة سهى شويحنة ذاتها وسط هذا العالم ؟
ج / في الحقيقة دور سيدات الأعمال أتى بداية كقرار سياسي في كل دولة لمشاركة المرأة دورها ..من جهة , ومن جهة اخرى ظروف الحرب وفقدان الكثير من الرجال كما حدث في الاتحاد السوفيتي فأن غالبية التجار هن النساء .لكن تجربتي الشخصية كانت مرحلة قاسية جدا ..لأنه عندما تتميز المرأة بثقافتها وشهاداتها وعلمها وربما جمالها وسط مكان كان مخصصا لرجال فقط ..فالغالبية الذكورية منهم يحاربون مسيرتها وخططها التنموية وأفكارها كما تم محاربة مشاريعي وخططي ..والقلة منهم الرجال الذين يؤمنون بكِ ويدعمون هذه الافكار والثقافة ..ولحصولك على النجاح ثقي تماما كأمرأة تكافحين وتناضلين وتقاتلين والكثيرمن المجتمع يصفك للأسف ( بالمسترجلة ) والقوية بدلا من وصفك بالقائدة والشجاعة . فاليوم مازال للرجل المكانة الأهم ..هذه هي الحقيقة ..ولتثبت المرأة وجودها كما كانت تجربة الراحلة (زهى حديد) تعاني أمر أمرين.. لهذا النجاح عامة في حياة أي انسان له ثمن باهظ من القهر والتعب وسهر ليالي ,والتاريخ وحياة المفكرين والعلماء والأدباء وجميع الناجحين عبر التاريخ عانوا المعاناة نفسها ..ضريبة التميز والمواهب هي هجوم الأخر علينا والمتنبي أكبر مثالا لذلك .
الختام ..شكرا جزيلا لكل من يثرى بتاريخنا العريق وفلكلورينا ..سهى شويحنه هي من ابرزهن ..دمت لنجاح وازدهار





























